الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)
إن المستعرض لتاريخ بني إسرائيل ليأخذه العجب من فيض الآلاء التي أفاضها الله عليهم، ومن الجحود المنكر المتكرر الذي قابلوا به هذا الفيض المدرار.. وهنا يذكرهم الله بنعمته التي أنعمها عليهم إجمالاً، قبل البدء في تفصيل بعضها في الفقر التالية. يذكرهم بها ليدعوهم بعدها إلى الوفاء بعهدهم معه- سبحانه- كي يتم عليهم النعمة ويمد لهم في الآلاء:{يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم}..فأي عهد هذا الذي يشار إليه في هذا المقام؟ أهو العهد الأول، عهد الله لآدم: {فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}..؟ أم هو العهد الكوني السابق على عهد الله هذا مع آدم. العهد المعقود بين فطرة الإنسان وبارئه: أن يعرفه ويعبده وحده لا شريك له. وهو العهد الذي لا يحتاج إلى بيان، ولا يحتاج إلى برهان، لأن فطرة الإنسان بذاتها تتجه إليه بأشواقها اللدنية، ولا يصدها عنه إلا الغواية والانحراف؟ أم هو العهد الخاص الذي قطعه الله لإبراهيم جد إسرائيل. والذي سيجيء في سياق السورة: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين}..؟ أم هو العهد الخاص الذي قطعه الله على بني إسرائيل وقد رفع فوقهم الطور، وأمرهم أن يأخذوا ما فيه بقوة والذي سيأتي ذكره في هذه الجولة؟إن هذه العهود جميعاً إن هي إلا عهد واحد في صميمها. إنه العهد بين البارئ وعباده أن يصغوا قلوبهم إليه، وأن يسلموا أنفسهم كلها له. وهذا هو الدين الواحد. وهذا هو الإسلام الذي جاء به الرسل جميعاً؛ وسار موكب الإيمان يحمله شعاراً له على مدار القرون.ووفاء بهذا العهد يدعو الله بني إسرائيل أن يخافوه وحده وأن يفردوه بالخشية:{وإياي فارهبون}..ووفاء بهذا العهد كذلك يدعو الله بني إسرائيل أن يؤمنوا بما أنزله على رسوله، مصدقاً لما معهم؛ وألا يسارعوا إلى الكفر به، فيصبحوا أول الكافرين؛ وكان ينبغي أن يكونوا أول المؤمنين:{وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافر به}.فما الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إلا الدين الواحد الخالد. جاء به في صورته الأخيرة؛ وهو امتداد لرسالة الله، ولعهد الله منذ البشرية الأولى، يضم جناحيه على ما مضى، ويأخذ بيد البشرية فيما سيأتي؛ ويوحد بين العهد القديم والعهد الجديد ويضيف ما أراده الله من الخير والصلاح للبشرية في مستقبلها الطويل؛ ويجمع بذلك بين البشر كلهم إخوة متعارفين؛ يلتقون على عهد الله، ودين الله؛ لا يتفرقون شيعاً وأحزاباً، وأقواماً وأجناساً؛ ولكن يلتقون عباداً لله، مستمسكين جميعاً بعهده الذي لا يتبدل منذ فجر الحياة.وينهى الله بني إسرائيل أن يكون كفرهم بما أنزله مصدقاً لما معهم، شراء للدنيا بالآخرة، وإيثاراً لما بين أيديهم من مصالح خاصة لهم- وبخاصة أحبارهم الذين يخشون أن يؤمنوا بالإسلام فيخسروا رياستهم، وما تدره عليهم من منافع وإتاوات- ويدعوهم إلى خشيته وحده وتقواه..{ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون}..والثمن والمال والكسب الدنيوي المادي.. كله شنشنة يهود من قديم!! وقد يكون المقصود بالنهي هنا هو ما يكسبه رؤساؤهم من ثمن الخدمات الدينية والفتاوى المكذوبة، وتحريف الأحكام حتى لا تقع العقوبة على الأغنياء منهم والكبراء، كما ورد في مواضع أخرى، واستبقاء هذا كله في أيديهم بصد شعبهم كله عن الدخول في الإسلام، حيث تفلت منهم القيادة والرياسة.. على أن الدنيا كلها- كما قال بعض الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم في تفسير هذه الآية- ثمن قليل، حين تقاس إلى الإيمان بآيات الله، وإلى عاقبة الإيمان في الآخرة عند الله.ويمضي السياق يحذرهم ما كانوا يزاولونه من تلبيس الحق بالباطل، وكتمان الحق وهم يعلمونه، بقصد بلبلة الأفكار في المجتمع المسلم، وإشاعة الشك والاضطراب:{ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}..ولقد زاول اليهود هذا التلبيس والتخليط وكتمان الحق في كل مناسبة عرضت لهم، كما فصل القرآن في مواضع منه كثيرة؛ وكانوا دائما عامل فتنة وبلبلة في المجتمع الإسلامي، وعامل اضطراب وخلخلة في الصف المسلم. وسيأتي من أمثلة هذا التلبيس الشيء الكثير!ثم يدعوهم إلى الاندماج في موكب الإيمان، والدخول في الصف، وأداء عباداته المفروضة، وترك هذه العزلة والتعصب الذميم، وهو ما عرفت به يهود من قديم:{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين}..ثم ينكر عليهم- وبخاصة أحبارهم- أن يكونوا من الدعاة إلى الإيمان بحكم أنهم أهل كتاب بين مشركين، وهم في الوقت ذاته يصدون قومهم عن الإيمان بدين الله، المصدق لدينهم القديم:{أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون}.ومع أن هذا النص القرآني كان يواجه ابتداء حالة واقعة من بني إسرائيل، فإنه في إيحائه للنفس البشرية، ولرجال الدين بصفة خاصة، دائم لا يخص قوماً دون قوم ولا يعني جيلا دون جيل.إن آفة رجال الدين- حين يصبح الدين حرفة وصناعة لا عقيدة حارة دافعة- أنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم؛ يأمرون بالخير ولا يفعلونه؛ ويدعون إلى البر ويهملونه؛ ويحرفون الكلم عن مواضعه؛ ويؤولون النصوص القاطعة خدمة للغرض والهوى، ويجدون فتاوى وتأويلات قد تتفق في ظاهرها مع ظاهر النصوص، ولكنها تختلف في حقيقتها عن حقيقة الدين، لتبرير أغراض وأهواء لمن يملكون المال أو السلطان! كما كان يفعل أحبار يهود!والدعوة إلى البر والمخالفة عنه في سلوك الداعين إليه، هي الآفة التي تصيب النفوس بالشك لا في الدعاة وحدهم ولكن في الدعوات ذاتها. وهي التي تبلبل قلوب الناس وأفكارهم، لأنهم يسمعون قولاً جميلاً، ويشهدون فعلاً قبيحاً؛ فتتملكهم الحيرة بين القول والفعل؛ وتخبو في أرواحهم الشعلة التي توقدها العقيدة؛ وينطفئ في قلوبهم النور الذي يشع الإيمان؛ ولا يعودون يثقون في الدين بعد ما فقدوا ثقتهم برجال الدين.إن الكلمة لتنبعث ميتة، وتصل هامدة، مهما تكن طنانة رنانة متحمسة، إذا هي لم تنبعث من قلب يؤمن بها. ولن يؤمن إنسان بما يقول حقاً إلا أن يستحيل هو ترجمة حية لما يقول، وتجسيماً واقعياً لما ينطق.. عندئذ يؤمن الناس، ويثق الناس، ولو لم يكن في تلك الكلمة طنين ولا بريق.. إنها حينئذ تستمد قوتها من واقعها لا من رنينها؛ وتستمد جمالها من صدقها لا من بريقها.. إنها تستحيل يومئذ دفعة حياة، لأنها منبثقة من حياة.والمطابقة بين القول والفعل، وبين العقيدة والسلوك، ليست مع هذا أمراً هيناً، ولا طريقاً معبداً. إنها في حاجة إلى رياضة وجهد ومحاولة. وإلى صلة بالله، واستمداد منه، واستعانة بهديه؛ فملابسات الحياة وضروراتها واضطراراتها كثيراً ما تنأى بالفرد في واقعه عما يعتقده في ضميره، أو عما يدعو إليه غيره. والفرد الفاني ما لم يتصل بالقوة الخالدة ضعيف مهما كانت قوته، لأن قوى الشر والطغيان والإغواء أكبر منه؛ وقد يغالبها مرة ومرة ومرة؛ ولكن لحظة ضعف تنتابه فيتخاذل ويتهاوى، ويخسر ماضيه وحاضره ومستقبله؛ فأما وهو يركن إلى قوة الأزل والأبد فهو قوي قوي، أقوى من كل قوي. قوي على شهوته وضعفه. قوي على ضروراته واضطراراته. قوي على ذوي القوة الذين يواجهونه.ومن ثم يوجه القرآن اليهود الذين كان يواجههم أولاً، ويوجه الناس كلهم ضمناً، إلى الاستعانة بالصبر والاستعانة بالصلاة.. وفي حالة اليهود كان مطلوباً منهم أن يؤثروا الحق الذي يعلمونه على المركز الخاص الذي يتمتعون به في المدينة، وعلى الثمن القليل- سواء كان ثمن الخدمات الدينية أو هو الدنيا كلها- وأن يدخلوا في موكب الإيمان وهم يدعون الناس إلى الإيمان! وكان هذا كله يقتضي قوة وشجاعة وتجرداً.واستعانة بالصبر والصلاة:{واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون}..والغالب أن الضمير في أنها ضمير الشأن، أي إن هذه الدعوة إلى الاعتراف بالحق في وجه هذه العوامل كبيرة وصعبة وشاقة، إلا على الخاشعين الخاضعين لله، الشاعرين بخشيته وتقواه، الواثقين بلقائه والرجعة إليه عن يقين.والاستعانة بالصبر تتكرر كثيراً؛ فهو الزاد الذي لابد منه لمواجهة كل مشقة، وأول المشقات مشقة النزول عن القيادة والرياسة والنفع والكسب احتراماً للحق وإيثاراً له، واعترافاً بالحقيقة وخضوعاً لها.فما الاستعانة بالصلاة؟إن الصلاة صلة ولقاء بين العبد والرب. صلة يستمد منها القلب قوة، وتحس فيها الروح صلة؛ وتجد فيها النفس زاداً أنفس من أعراض الحياة الدنيا.. ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وهو الوثيق الصلة بربه الموصول الروح بالوحي والإلهام.. وما يزال هذا الينبوع الدافق في متناول كل مؤمن يريد زاداً للطريق، وريّاً في الهجير، ومدداً حين ينقطع المدد، ورصيداً حين ينفد الرصيد..واليقين بلقاء الله- واستعمال ظن ومشتقاتها في معنى اليقين كثير في القرآن وفي لغة العرب عامة- واليقين بالرجعة إليه وحده في كل الأمور.. هو مناط الصبر والاحتمال؛ وهو مناط التقوى والحساسية. كما أنه مناط الوزن الصحيح للقيم: قيم الدنيا وقيم الآخرة. ومتى استقام الميزان في هذه القيم بدت الدنيا كلها ثمناً قليلاً، وعرضاً هزيلاً؛ وبدت الآخرة على حقيقتها، التي لا يتردد عاقل في اختيارها وإيثارها.وكذلك يجد المتدبر للقرآن في التوجيه الذي قصد به بنو إسرائيل أول مرة، توجيهاً دائماً مستمر الإيحاء للجميع..ومن ثم عودة إلى نداء بني إسرائيل، وتذكيرهم بنعمة الله عليهم، وتخويفهم ذلك اليوم المخيف إجمالاً قبل الأخذ في التفصيل:{يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون}.وتفضيل بني إسرائيل على العالمين موقوت بزمان استخلافهم واختيارهم، فأما بعد ما عتوا عن أمر ربهم، وعصوا أنبياءهم، وجحدوا نعمة الله عليهم، وتخلوا عن التزاماتهم وعهدهم، فقد أعلن الله حكمه عليهم باللعنة والغضب والذلة والمسكنة، وقضى عليهم بالتشريد وحق عليهم الوعيد.وتذكيرهم بتفضيلهم على العالمين، هو تذكير لهم بما كان لهم من فضل الله وعهده؛ وإطماع لهم لينتهزوا الفرصة المتاحة على يدي الدعوة الإسلامية، فيعودوا إلى موكب الإيمان. وإلى عهد الله؛ شكراً على تفضيله لآبائهم، ورغبة في العودة إلى مقام التكريم الذي يناله المؤمنون.ومع الإطماع في الفضل والنعمة، التحذير من اليوم الذي يأتي وصفه:{لا تجزي نفس عن نفس شيئاً}..فالتبعة فردية، والحساب شخصي، وكل نفس مسؤولة عن نفسها، ولا تغني نفس عن نفس شيئاً.. وهذا هو المبدأ الإسلامي العظيم. مبدأ التبعة الفردية القائمة على الإرادة والتمييز من الإنسان، وعلى العدل المطلق من الله. وهو أقوم المبادئ التي تشعر الإنسان بكرامته، والتي تستجيش اليقظة الدائمة في ضميره. وكلاهما عامل من عوامل التربية، فوق أنه قيمة إنسانية تضاف إلى رصيده من القيم التي يكرمه بها الإسلام.{ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل}.فلا شفاعة تنفع يومئذ من لم يقدم إيماناً وعملاً صالحاً؛ ولا فدية تؤخذ منه للتجاوز عن كفره ومعصيته.{ولا هم ينصرون}..فما من ناصر يعصمهم من الله، وينجيهم من عذابه.. وقد عبر هنا بالجمع باعتبار مجموع النفوس التي لا تجزي نفس منها عن نفس، ولا يقبل منها شفاعة، ولا يؤخذ منها عدل، وانصرف عن الخطاب في أول الآية إلى صيغة الغيبة في آخرها للتعميم. فهذا مبدأ كلي ينال المخاطبين وغير المخاطبين من الناس أجمعين.بعدئذ يمضي يعدد آلاء الله عليهم، وكيف استقبلوا هذه الآلاء، وكيف جحدوا وكفروا وحادوا عن الطريق. وفي مقدمة هذه النعم كانت نجاتهم من آل فرعون ومن العذاب الأليم:{وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون}..إنه يعيد على خيالهم ويستحيي في مشاعرهم صورة الكرب الذي كانوا فيه- باعتبار أنهم أبناء هذا الأصل البعيد- ويرسم أمامهم مشهد النجاة كما رسم أمامهم مشاهد العذاب.يقول لهم: واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون حالة ما كانوا يديمون عذابكم، (من سام الماشية أي جعلها سائمة ترعى دائماً) وكأن العذاب كان هو الغذاء الدائم الذي يطعمونهم إياه!! ثم يذكر لوناً من هذا العذاب. هو تذبيح الذكور واستيحاء الإناث. كي يضعف ساعد بني إسرائيل وتثقل تبعاتهم!وقبل أن يعرض مشهد النجاة يعقب بأن ذلك التعذيب كان فيه بلاء من ربهم عظيم. ليلقي في حسهم- وحس كل من يصادف شدة- أن إصابة العباد بالشدة هي امتحان وبلاء، واختبار وفتنة. وأن الذي يستيقظ لهذه الحقيقة يفيد من الشدة، ويعتبر بالبلاء، ويكسب من ورائهما حين يستيقظ. والألم لا يذهب ضياعاً إذا أدرك صاحبه أنه يمر بفترة امتحان لها ما بعدها إن أحسن الانتفاع بها. والألم يهون على النفس حين تعيش بهذا التصور وحين تدخر ما في التجربة المؤلمة من زاد للدنيا بالخبرة والمعرفة والصبر والاحتمال، ومن زاد للآخرة باحتسابها عند الله، وبالتضرع لله وبانتظار الفرج من عنده وعدم اليأس من رحمته.ومن ثم هذا التعقيب الموحى: {وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم}..فإذا فرغ من التعقيب جاء بمشهد النجاة بعد مشاهد العذاب..{وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون}..وقد وردت تفصيلات هذه النجاة في السور المكية التي نزلت من قبل. أما هنا فهو مجرد التذكير لقوم يعرفون القصة. سواء من القرآن المكي، أو من كتبهم وأقاصيصهم المحفوظة. إنما يذكرهم بها في صورة مشهد، ليستعيدوا تصورها، ويتأثروا بهذا التصور، وكأنهم هم الذين كانوا ينظرون إلى فرق البحر، ونجاة بني إسرائيل بقيادة موسى- عليه السلام- على مشهد منهم ومرأى! وخاصية الاستحياء هذه من أبرز خصائص التعبير القرآني العجيب.
|